في الزاوية ذات الإضاءة الخافتة في حانة ريفية، حيث كان الهواء مثقلًا برائحة الخشب القديم والويسكي القديم، جلست وحدي.
لطالما كنت رجلًا روتينيًا، ولم تكن الليلة مختلفة عن بقية الليالي. لقد طلبت كأسي المعتاد من الويسكي، بشكل أنيق.
مرر النادل السائل الكهرماني عبر المنضدة، ورفعت الكوب إلى شفتي.
عندما لمست القطرة الأولى لساني، أرسلت قشعريرة أسفل عمودي الفقري. لقد كان مرًا، مثل طعم الندم.
لكن ليس من الغريب ان اشعر بالندم. في الواقع، هذا هو السبب الذي جعلني اجد نفسي في هذه الحانة ليلة بعد ليلة، غارقاً أحزاني في الويسكي. بالنسبة لي، كانت الرشفة الأولى هي الأصعب دائمًا. كان الأمر بمثابة فتح باب على مصراعيه للذكريات التي افضل نسيانها.
مع كل رشفة، كنت اشعر بثقل الماضي يضغط علي مثل بطانية من الرصاص. اتذكر المرة الأولى التي تذوقت فيها الويسكي، وانا جالس على كرسي خشبي عندما كنت طالب جامعي. لقد كانت لحظة ترابط، ولمحة عابرة من السعادة في لحضات شبابي المضطربة.
لكن السعادة كانت عابرة، وسرعان ما أصبحت ذكرياتي مظلمة. لقد تذكرت الليلة التي خرجت فيها من منزل ابي لأعيش وحدي، تاركًا كل شيء خلفي كالسراب. لقد تذكرت المعارك والدموع والوعود التي لم يتم الوفاء بها.
ثم كانت هناك لافا… لافا الجميلة. حب حياتي، أو هكذا كنت اعتقد. لقد كنا كالنجوم والكواكب، لكنها الآن مجرد شبح آخر يطارد زوايا عقلي. تذكرت اليوم الذي تركتني فيه، الطريقة التي تقست فيها خيبة الأمل في عينيها عندما خرجت من الباب.
بينما كان الويسكي يحترق في حلقي، شعرت بأنني انحدر إلى أعماق هاوية اليأس. وتساءلت عما إذا كان هذا هو عقابي، إذا كان مقدرًا لي أن اغرق في بؤسي لبقية الأبدية.
ولكن بعد ذلك، وفي خضم أحلك ساعاتي، تغير شيء ما. اخترق بصيص من الوضوح ضباب عقلي، ورأيت انعكاسي يحدق بي من أسفل زجاجه.
أدركت أنه ظل يهرب من ألمي لفترة طويلة، مستخدمًا الويسكي كعكاز لتخدير الألم الذي في روحي. لكنني أدركت أن الألم لم يكن شيئاً يدعو للخوف. لقد كان جزءًا من الحياة، شرًا لا بد منه ذكّرني بأنني لا زلت إنسانًا.
وهكذا، وبإحساس جديد بالهدف، وضعت كأسي ووقفت على قدمي. كنت اعلم أن الطريق أمامي لن يكون سهلاً، لكنني كنت على استعداد لمواجهته وجهاً لوجه. ولأول مرة منذ فترة طويلة، شعرت بالأمل.
عندما خرجت إلى هواء الليل البارد، شعرت بثقل يثقل كاهلي. ستكون الذكريات موجودة دائمًا، لكنها لم تعد لها أي سلطة علي. لقد كنت حراً في أن اعيش حياتي، ويجب أن اتقبل الألم والفرح الذي يأتي معي.
وهكذا، بابتسامة على وجهي ونار في قلبي، خرجت في الليل، مستعدًا لمواجهة أي تحديات تنتظرني. لأنني اعلم أنه بغض النظر عن مدى الظلام الذي قد يبدو عليه الطريق، الا ان هناك دائمًا بصيص من الضوء ينتظر إرشادي إلى المنزل.
ملاحضة: الإكسير هي مادة يعتقد أنها قادرة على تحويل المعادن الأساسية إلى ذهب. وايضا يُعتقد أنها قادرة على إطالة الحياة إلى أجل غير مسمى