Dark Light

آه يا قلمي العزيز، يا صديقي الأوفى الذي يلجأ إليه قلبي حين يعجز العالم عن فهم حزني. لماذا أنت يا قلمي؟ لماذا أنت بالذات من أحمل إليه أنين روحي، وأسكب عليه دموع قلبي المخفية، وأرمي عليه بقايا الأمل الممزق؟ وكأنك ملاذي الأخير حين تضيق الدنيا، وكأنك نافذتي الوحيدة حين يحاصرني الظلام. أليس في حياتي من يضيء عتمتي غيرك؟ مريم، مثلاً؟

مريم… هي ليست مجرد اسم، إنها همسة تتردد في أركان روحي. هي لم تكن في حياتي كأي امرأة؛ بل كانت الحياة نفسها. منذ اللحظة الأولى التي عرفتها فيها، كانت كالشمس التي أشرقت فجأة على زوايا روحي المعتمة، فأضاءت بنورها كل شيء. معها تعلمت أن للحياة طعماً مختلفاً، أن كل لحظة تجمعني بها هي نبضة جديدة في قلبي، كل ابتسامة تزين وجهها تزرع في قلبي زهرة أمل. كانت هي السكينة التي تجتاحني، والحلم الذي طالما تمنيت تحقيقه، والأنفاس التي أتنفسها.

لقد أقسمت لنفسي، أقسمت لروحي، أن أكون سبباً في سعادتها. نذرت عمري من أجلها، تعهدت بأن أمنحها من الحنان والحب ما يكفي لتعيش حياة هانئة مليئة بالأمل والطمأنينة. كنت أراها، وأشعر بأن العالم بأسره يتلخص في عينيها؛ وكأنني لم أعرف معنى الحياة إلا حين دخلت عالمي. كانت هي القصيدة التي أكتبها كل يوم، الكلمات التي لا تتوقف عن الغناء في داخلي، الحلم الذي يملأني شغفاً وأملاً.

ولكن الآن، يا قلمي، ها هي مريم تقف على عتبة القرار، تعيد التفكير في حبنا، تبتعد خطوة لتعيد النظر في مصيرنا، وفيما سيحدث لنا بعد اللقاء. وأنا هنا، غارق في حزن عميق. كيف لي أن أصف لك يا قلمي كم أحببتها؟ كيف أوضح لك حجم الشوق الذي يملأني حين أسمع اسمها، أو كم تتسارع نبضات قلبي حين ألمح ظلّها من بعيد؟ لقد أحببتها بطريقة لم أكن أظن أنني قادر عليها، حباً تملك كل تفاصيلها؛ عائلتها، مدينتها، ضحكتها، همساتها… أصبحت مدمنًا عليها، حتى بت أراها في كل زاوية من حياتي.

يا قلمي العزيز، لا داعي للحزن، أليس الحزن صديقي القديم؟ أليس رفيقي منذ صغر سني، وكأنني وُلدت معه وتعايشت معه طوال حياتي؟ ولكن هذه المرة، يبدو أن الحزن أثقل، أن الألم أعمق، لأن مريم هي أغلى ما أملك، لأنها القلب الذي ينبض بي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Posts