مرحباً لافا؟
واو, ياللهول … انها المرة الاولى التي اتحلى بالشجاعة واكتب اسمك منذ سنة الفان وثمانية عشر
هل تصدقين بأن خمس اعوام قد انقضت .. نعم خمس اعوام ولم تمر لحضة في حياتي الا وتخيلت وجودكِ فيها
لبرهة شعرت بأنني مجنون واتخيل اشياء خارجة عن المألوف .. ولكن اعتقد انني عشت بواقعي وليس بواقع هذا العالم البائس الحقود اللئيم المضلم
لطالما تخيلت عودتكِ الي مُنكسرة وحزينة وتشعرين بالذنب لأنكِ تركتني وتزوجتي ورحلتي عني طيلة هذه الأعوام وانني سوف لن اشعركِ بالذنب وافترض بأن شيئاً لم يحدث على الاطلاق ونبدأ من جديد قصة حب جديدة ونكون اسرة جميلة كما تخيلناها انا وانتي
اتذكر عندما كنت في اسطنبول واتصلت بي صديقتي الصدوقة ماردين واخبرتني بأنكِ تزوجتي, لا اعلم ماذا حصل بتلك الليلة ولكن كل ما اتذكره انه عندما تلقيت المكالمة كنت في المنزل في غرفتي وبحلول الصباح وجدت نفسي اجلس في الشارع .. لا اعلم كيف ومتى واين ولكنني فقدت ادراكي لعدة ساعات ثم عدت للمنزل منهكاً اشعر بثقل شديد وكأنني احمل الكون كله على كتفي
نمت في تلك اللحضة من دون ان امسح دموعي حتى, نمت والكون كله على عاتقي, ثم حلمت بكِ ..
لقد كنتي في ذلك الحلم جميلة جداً جداً وبدوتِ وكأنكِ تنضرين لي وتقولين انا آسفة لم يكن ذنبي, وانا كنت اصرخ بأعلى صوتي لا داعي لتكوني آسفة فقط دعينا نبدأ من جديد ومن ثم بعدها استيقضت من هذا الحلم الذي لم انساه قط .. لا اعلم ما سبب هذا الحلم او توقيته ولكنني علمت حينها ان شيئاً ما يحدث وان الله يعمل بطرق غامضة جداً لدرجة لا يمكنني حتى تفسيرها بشكل مجازي او افتراضي
اغتسلت وخرجت من المنزل بنفس ملابسي التي كنت ارتديها عندما وجدت نفسي مستلقياً في الشارع,
خرجت من منزلي ولا اعلم الى اين سأذهب .. بدأت في المشي فقطعت مسافات طويلة جداً, قضيت ساعات طويلة وانا امشي في الطرق الموحشة فقابلت سيدة امام احدى محطات المترو, كانت تبكي بكائاً شديداً للحد الذي جعلني اشعر بالفضول واود التحدث معها
ذهبت اليها مسرعاً ولا اعلم ماذا سأقول لها ولكنني خلت بأنها ستخبرني بما يحدث آملاً في تلك اللحضة ان تخبرني بقصة مئساوية اشد حزناً من قصتي …
ولكنها اخبرتني بأنها سافرت للمرة الاولى في حياتها من بريطانيا وهي تقبع الآن في اسطنبول من اجل الدراسة حيث انها تشعر بالحزن الشديد لأنها تشتاق لعائلتها
اضحكتني هذه السيدة التي كان اسمها آرلا .. ضحكت وبكيت في نفس ذات الوقت وكأنني مجنون
نضرت لي برعب واحتضنتني وهي تقول: انا اسفة لأنني جعلتك تبكي
نضرت لها وقلت: هل يمكنني ان ادعوكِ على كأس من القهوة؟
فأبتسمت .. وكانت ابتسامتها تعني هيا بنا
عندما جلسنا على طاولة الاحزان في ذلك المقهى الرومنسي, كان الجميع ينضر لنا ويضن بأننا نحب بعضنا البعض ولم يعلموا بأننا نختبئ خلف احزاننا,
حينها قلت لها: آرلا, سأخبركِ شيئاً ولكن لا تأخذيه من محمل الوقاحة او عدم الاحساس ولكنني مررت بما هو اسوأ وعندما بكيت لم يكن بكائي بسببك ولكنني ضحكت لأنني اعرف ومتيقن بداخلي بأنكِ ستعتادين هذه الحياة وستضحكين في نهاية المطاف وستأتي تلك الايام التي لا تريدين فيها العودة الى لندن لأنكِ تشعرين بالخصوصية والارتياح اكثر وانتي هنا وحدكِ, اما عندما بكيت فقد كنت ابكي على نفسي. ومن منا لا يبكي على نفسه؟ بكيت لأنني اليوم وبعد حب دام لسنوات طويلة تلقيت اتصالاً من احد الاصدقاء لتفاجئني بخبر زواج حبيبتي التي اهديتها كل حياتي .. هل تصدقين بأهنا قد تزوجت ورحلت للأبد
نضرت لي آرلا بأستغراب وقالت: وما هو الأبد ؟ الأبد يا ماجد هو كلمة اخترعها الأنسان ليواسي ويعزي نفسه بها ولكن صدقني لا يوجد ما يسمى بالأبد في هذا الكون .. حتى حياتنا ليست للأبد فلماذا تضن بأن رحيلها للأبد؟
في هذه اللحضات بدا يتهيأ لي احلام وتخيلات جميلة وانا اتخيل بأنها ستعود في نهاية المطاف وسيكون كل شيء على ما يرام
آرلا: ماجد! ماجد! اين انت ؟
اعتذر يا آرلا ولكنني كنت افكر بكلامكِ الجميل جداً .. هل تعلمين يا آرلا بأنني وللمرة الأولى شعرت بالأرتياح منذ الأمس فلقد اصبح الأمل يعتريني ويملئني.
قالت آرلا حينها لا تعش على الأمل ولكن ثق بأن الكارما سوف تجعلك تحصل على ما تريد ان كنت تستحقه. لا تتأمل, لا تقل للأبد, ولا تحلم. فقط كل ماعليك فعله هو المضي قدماً
حينها قلت لها: آرلا وللمرة الأولى في حياتي شعرت بأنني اجلس مع أمرأة تبلغ من العمر ما لا يبلغه احد على الاطلاق .. امرأة لديها ما يكفي من الحكمة والمعرفة لمحو الآلام بكلماتها الساحرة.
شكراً لكِ يا آرلا .. لقد اسعدني جداً الحديث معكِ.
صافحت يداي ومن ثم افترقنا
ولكن هذا الفراق لا يشبه فراق ليلة امس, فهما مختلفان كلياً .. احدهما كان مضلماً والآخر كان النور يخرج منه
من روايتي التي سأطلقها قريباً بعنوان عينيها وتسع وتسعون ليلة