في ردهة فندق سافوي كريست ذات الإضاءة الخافتة، التي يغمرها الوهج الناعم للثريات القديمة، جلست منهمكًا في عملي. كانت الغرفة عبارة عن سيمفونية من المحادثات الصامتة، وخشخشة النظارات، وحفيف الصحف بين الحين والآخر. لقد اخترت طاولة زاوية، في موقع استراتيجي لتوفر لي رؤية واضحة للعالم الذي يمر من حولي. لم أكن أعلم أنه في هذه الأمسية العادية، كان للقدر عرض آسر.
بينما كنت أركز على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي، بدا لي أن العالم من حولي قد أصبح ضبابيًا في محيط وعيي. لقد وفرت أصوات مفاتيح الكيبورد الإيقاعية تحت أطراف أصابعي خلفية مريحة لأفكاري. كانت كل ضغطة على المفتاح بمثابة نغمة موسيقية في أوركسترا الإنتاجية الصامتة. ومع ذلك، وبينما كنت منغمسًا في عملي، لم أتوقع سوى القليل من وصول الساحرة التي ستلفت انتباهي قريبًا.
ظهرت في ريعان شبابها، رؤية ذات جمال أثيري، كأنها منتزعة من أحلام الشعراء. لقد تحركت بنعمة ملاك نسي مسكنه السماوي للحظات وأنعم العالم الأرضي بحضورها. كانت خطواتها مثل رقصة رقيقة، ومع كل خطوة كانت تبدو وكأنها تتحدى قوانين الجاذبية نفسها. كان الأمر كما لو أن السماوات نفسها تآمرت لخلق هذه التحفة الفنية الجذابة.
كان شعرها الذهبي يتدفق مثل الحرير المنصهر، ويتدفق على ظهرها في أمواج متلألئة. كل خصلة كانت تتلألأ مثل أشعة شمس الصباح، وتلقي هالة مشعة حولها. أحاطت المحلاق المضيئة وجهها، وأبرزت ملامحها اللافتة للنظر. كانت عيناها المختبئتان خلف نظارة رائعة تحملان أسرارًا وأعماقًا تستحق الاستكشاف. لقد كانت نوافذ لعالم مجهول، تجذبني إليه بجاذبيتها المغناطيسية.
وفي طور احدى صدف القدر، اختارت الجلوس على طاولة على الجانب الأيسر من الردهة، مباشرة على مرمى البصر. كانت أصابعها النحيلة تزين لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر المحمول الرمادي الأنيق الخاص بها، وهو تحفة فنية حديثة باهتة مقارنة بجمالها. مع كل ضغطة على المفتاح، كانت تنبعث من جهازها سيمفونية من الأصوات، لحن ساحر مثل نداء صفارة الإنذار.
لقد شاهدتها، منبهرًا، بينما كانت أصابعها تتراقص على لوحة المفاتيح، وهي تؤلف سوناتة من الكلمات دون عناء.
خلق الإيقاع اللطيف لعملها تناغمًا ساحرًا تردد صداه في أعماق روحي. كانت كل نقرة عبارة عن ملاحظة، وكل ضغطة على المفتاح كانت بمثابة ضربة فرشاة على لوحة مصيرنا المشترك.
ولأنني لم أتمكن من مقاومة الجاذبية المغناطيسية لهذه الغريبة الآسرة، لم أستطع أن أحمل نفسي على الكلام. وبدلاً من ذلك، عبرت عن إعجابي من خلال لغة التواصل البصري. أغلقت عيني، وفي تلك اللحظة، بدا أن العالم قد توقف. وكأنني أضيع في عمق نظرتها، وأغرق في محيط روحها.
تواصلنا غير المعلن تجاوز الكلمات، وخلق سيمفونية صامتة من الشوق والفضول والانبهار. على الرغم من أننا لم نتبادل جملة واحدة أبدًا، إلا أن أعيننا نسجت قصة أعمق من أي كلمة يمكن أن تنقلها. لقد كان اتصالًا ترك بصمة لا تمحى في قلبي، وشهادة على قوة النظرة، ووعدًا بالإمكانيات التي تنتظرنا.