Dark Light

هل تعلمين، يا سيدتي التونسية الفاتنة، ماذا يعني أن أستيقظ في منتصف الليل مفزوعًا، كما لو أن أنفاسي الأخيرة تختنق في صدري؟ لم يكن بسبب كابوس، بل بسبب قلبي الذي لم يهدأ منذ تلك اللحظة. شعرتُ أن كلماتي البارحة كانت أقسى من اللازم، وأنها ربما تركت أثراً على روحك الجميلة، جرحًا خفيًا يختبئ خلف عينيك. يا لها من فكرة مرعبة، أن أكون أنا السبب في حزنك، أن تتألم روحك بسبب كلمة لم أستطع أن أحتويها.

هل تعلمين ماذا يعني لشاب من بلاد ما بين النهرين، أرض الجراح والأنبياء، أن يغلق كل أبواب قلبه، يحميه كحصنٍ قديمٍ صامد في وجه الرياح العاتية؟ أن يعد نفسه بأنه لن يدع الحب يدق على بابه؟ ثم فجأة، وبمحض الصدفة، يقابل امرأة، امرأة ليست ككل النساء، تقتحم قلبه دون استئذان، تزرع في صحراء روحه بستانًا من المشاعر؟ كنت أنظر في المرآة حينها، أبحث في ملامحي عن إجابة: ماذا حدث لي؟ كيف سقطت في الحب بهذه السهولة، بعد أن أقسمت أنني سأظل وحيدًا؟ كيف لهذا الحب أن يشعل فيّ كل هذا الضجيج الداخلي؟

كنت أقول لنفسي: لا تخف، لن يدوم هذا. ستنتهي هذه العلاقة كما تنتهي كل الأشياء الجميلة، ستتحول إلى ذكرى، وربما نصبح أصدقاء. ولكن، يا مريم، قلبي كان يهمس لي شيئًا آخر، كان يقول: “يا ماجد، لا تكن مثل آدم، لا تراها كالتفاحة التي تغويك ثم تسقطك.” حاولت أن أقاوم، حاولت أن أمنع نفسي من الانزلاق نحوك. ولكن كلما حاولت، كلما ازداد حبي لكِ، كأنني أطفو على بحرٍ من العشق، وكل موجة تأخذني بعيدًا، نحو أعمق نقطة لا عودة منها.

وفي كل يوم يمر، كنتِ أنتِ تغوصين أعمق في كياني. أصبحتِ جزءًا مني، لا أستطيع الهروب من صوتك، من كلماتك التي أسمعها وكأنها لحن يتردد في عقلي. كل كلمة تنطقينها كانت تسري في عروقي كأنها نبض جديد للحياة، وكل ابتسامة منك كانت تأخذني نحو الأعماق، حيث لا أملك من أمري شيئًا.

اليوم، يا مريم، أدركت الحقيقة البسيطة، لكن المذهلة: قلبي لم يعد ملكي. لم أعد أملك حتى الحق في استعادته، فقد سلمته لكِ بكل طواعية، وأنتِ تملكينه الآن بكل حق، بكل حب.

أدركت الآن، أن للكون طرقًا غامضة في ترتيب الأقدار. يا مريم، أنتِ أثمن من كل ما يمكن أن يمنحه هذا الكون. سخافة القدر أصبحت مثار دهشتي؛ لطالما كنت ألوم آدم، وأعتبره سببًا في خروجنا من الجنة. ولكن اليوم، بفضل تلك التفاحة التي قطفها، أشكره. لأنني بسببها، التقيت بك، أنتِ، يا صدفتي الكونية الجميلة، يا معجزة قدري التي لم أتوقعها، لكنني كنت أحتاجها بكل ما فيّ من شوق دفين للحب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Posts