Dark Light

لن أقول لكِ يا مريم إنكِ لن تجدي الحب. بل ستجدينه، وسيخبرك رجلٌ أنه يحبك، وسيمنحكِ قصةً وردية تخلو من الشوائب، ثم بعد مدةٍ سيقول لكِ إنه لا يستطيع الاستمرار وسيخلق الأعذار من العدم. ثم ستمر الأيام وتقعين في حب رجلٍ آخر له ماضٍ مثقل، كان متزوجًا وترك زوجته لأسبابٍ لا يعلمها إلا الله، وسيخبركِ أنه كان الضحية، وسيؤكد لكِ أن ماضيكِ لا يعني له شيئًا. سيجمل لكِ الحياة بألوانكِ المفضلة وسيتزوجكِ، ليس لشيءٍ سوى أنكِ فتاةٌ جميلة أغرته ملامحكِ الطفولية. وبعد شهرين أو ثلاثة من الزواج، ستدركين التحولات الكبيرة التي بدأت تظهر. ستناقشينه وتسألينه عن وعوده، وستواجهين برودًا غير مسبوق. وحين تحتدم الخلافات، سيبدأ باستخدام ماضيكِ الذي كان على علمٍ به كذريعةٍ لإنهاء الزواج، وسيبحث ويبحث كما يفعل الجميع حتى يجد مخرجًا. وحينها، ستتذكرينني جيدًا. ستقفين أمام المرآة وترينني في انعكاسكِ كما لو كنتُ روحكِ التي تلازمكِ.

أنا لم أزعم يومًا أنني مثالي، ولم أقل إنني أفضل رجلٍ في العالم، لكنني كنتُ شيئًا لم ولن تجديه في غيري. أنا لم أحبكِ لجمالكِ أو لشيءٍ تمتلكينه، بل أحببتُ روحكِ وصوتكِ وأدق تفاصيلكِ التي لم يلحظها أحدٌ سواي. كنتُ الرجل المختلف، الرجل الذي قبلكِ كما أنتِ، ببياضكِ وسوادكِ، بأفراحكِ وأحزانكِ. والآن، ستدركين أنكِ أضعتِ شيئًا لن يعوض، رجلًا لا يُستبدل.

أنا لا أكون خطةً بديلة، ولا أقبل بأن أكون مجرد احتمالٍ في حياة أحد. أنتِ تعرفين ماذا كنتُ قادرًا على فعله من أجلكِ، وماذا فعلتُ بالفعل. خضتُ معارك لا تخطر ببالكِ، معارك جعلتني أعود عشر سنواتٍ إلى الوراء، أبني نفسي من جديد. كنتِ انتصاري الوحيد، ويا للأسف، كان انتصارًا زائفًا، أراد أن يحصرني في دور “الصديق”. لكنني لا أكون صديقًا لمن كانت يومًا كل عالمي.

دعيني أخبركِ بشيء: لو كنتُ يومًا غير صادقٍ معكِ، لو كان في حبي لكِ أي نقص، لما ترددتُ في قبول صداقتكِ. لكن المحب لا يتغير، أنتِ من تغيرتِ، أنتِ من تخلّت في أول عثرة. كيف سأثق بمن تخذلني عند أول اختبار؟ كيف كنتُ سأبني مستقبلي وعائلتي مع من ترى الهروب هو الحل الأول؟

كنتُ أظن الجميع ضدي إلا أنتِ، لكنكِ كنتِ أول من تخلى. والآن، ها أنا في قمة صعودي، أحقق كل ما حلمتُ به وأكثر. لم أعد بحاجةٍ إلى أحد، لم أعد أنتظر أحدًا، ولم أعد أرغب في شيء سوى النجاح. كان من المفترض أن تكوني جزءًا من هذه القمة، لكنكِ اخترتِ الرحيل. وأنا، لم أعد أنظر خلفي.

لو كنتُ رجلاً يبحث عن مغامراتٍ عابرة، لقبلتُ صداقتكِ وابتسمتُ، لكنني كنتُ جادًا جدًا معكِ، أحببتكِ كما لم يحبكِ أحد. والآن، قولي لي، من سيحبكِ أكثر مني؟ من سيفهمكِ كما كنتُ أفعل؟ لا داعي للإجابة، لأنكِ تعرفينها جيدًا.

ستمضي الأيام، وستلتقين بالكثير، وستبحثين عني في عيونهم، ولن تجديني. لأنني لم أكن عابرًا في حياتكِ، بل كنتُ الحياة ذاتها. ستدركين متأخرة أنكِ فقدتِ رجلًا كان قادرًا على أن يكون أهم رجلٍ في حياتكِ، بل ربما أهم رجلٍ في التاريخ بالنسبة لكِ.

لكن حين تدركين، سأكون قد صنعتُ عالمي الخاص، عالمي الذي كان من المفترض أن تكوني جزءًا منه، لكنكِ قررتِ الخروج منه بيديكِ.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Posts